تجربتي و حواجز الإحتلال الإسرائيلي
القصه الواقعيه لصاحبها موسى رجوب من آلاف قصص معانات الاهل في فلسطين
النص كامل لصاحب الواقعه موسى رجوب ارسلها كي ننشرها بالعربيه و الإسبانيه على مواقع و منشورات تونسول
يوم السبت التاسع عشر من يوليو لعام 2003لم يكن هذا اليوم بالحدث الطبيعي في سلسلة ايامي الروتينية ولا يقل اهمية عن يوم ميلادي اذ انتقلت فيه من المرحلة الدراسية الثانوية الى مشارف ابواب الجامعات، وهذا يعني انه كان يوم الاعلان عن نتائج الثانوية العامة في فلسطين، والتي ينتظرها كل طالب بحراره الجمر وتفاوت في دقات القلب، فأقدم ذلك اليوم في جعبتة معدل نجاحي وحصولي على 82.3 في العلوم الانسانية، ففي تمام الساعة التاسعة من صبيحته اغتمرتني السعادة وأخذتني للعيش في فلك مليء بالاحلام المستقبلية، حتى انها انستني كل اتعابي التي تذوقتها طول سنه جاده من الدراسة، فلا تزال ملامح مدير مدرستي حاضره في مخيلتي عندما سلمني شهادتي شاكرا ومقدرا لهذا الجهد والنجاح.
وفي اليوم التالي حالي كحال اي طالب استيقظت مبكرا واصطحبت اوراقي للوزارات الحكومية من اجل تصديق الشهادات التي تخولني التسجيل في الجامعات ،اكملت الاجراءات وتقدمت بطلب لجامعة القدس ابو ديس بكلية الاداب قسم الاعلام ، وما هي الا 3 ايام ليتم اعلامي بحجز مقعدي الدراسي، وهنا شعرت بالارتياح والانتقال من مرحلة التواكل على اهلي الى التوكل على الله ونفسي ...فانهيت كل اجراءات التسجيل من دفع القسط والتعرف على القوانين العامة بالجامعة ،وانتظرت بدء الدوام الدراسي ومن هنا بدأت قصتي مع قاطعة اوصال فلسطين(الحواجز الاسرائلية) العنصرية .
أتذكر ذلك الصباح جينما حزمت امتعتي التي رتبتها بشكل جيد في تلك الحقاب الثلاثة معتمدا عليها لتسهيل حياتي لشهر كامل دون الرجوع للبيت لان في الامر مشقة ، انتظرت تلك السياره التي تقوم بنقل طلاب الجامعة مغتنما تلك الفرصة من الانتظار في وداع امي واخواتي، وما هي الا رويده حتى قدمت السيارة، وكان اول سؤال لي من السائق: هل إصطحبت هويتك وأوراق؟ هل تحمل اي آلة حادة؟ فردتت علية بالايجاب للأول والنفي للثاني، فما بين السؤال والاجابة راودتني رهبة أن في الامر قصة مع علمي ودراكي لقسوه الطريق وحواجزها، الا انة كان يومها لونا وطعما اخر لتلك القسوه، انطلقت السياره من امام البيت ملوحا بيدي لوالدتي من تلك النافذه المبللة بقطرات ماء المطر، سالكين الطريق الغربي الشمالي لمدينة الخليل فكان اول لقاء لنا بحاجز طيار على مخرج بلدة اذنا واقصد هنا بالحاجز الطيار عدد من الجيبات العسكريه التي تغلق الطريق لفتره من الزمن وتدقق في سيارت المواطنين ثم تنتقل لمنطقة اخرى دون الاستمار والثبات.
وهنا استوقفنا ذلك الجاحز وطلب منا ذلك الجندي القصير ذو البشره السوداء ،التوقف والنزول من السيارة والاصطفاف على جدار قريب ، وهنا كان للرعب علاقه طردية مع الوقت فقد مضى على وجودنا ما يقارب الساعة مع وجود شتائم وبعض الركلات بيت الحين والاخر والعبث بالامتعة والحقائب ومحتوياتي وعرضها على الكلاب لتفتيشها وحالنا هنا لم يبكن مختلفا عن الاخرين من الماره،وبعد كل هذه الاجراءات طلب منها العوده من حيث اتينا، وهنا شعرت بالمثل الدارج (سفره من اولها نكد) سلكنا بعض الطرق الترابية وانتقلنا من بستان الى اخر حتى وصلنا مدينة الخليل وهنا شعرت بالسعادة التي لم تدم طويلا لاننا علقنا في حاجز اخر والمعروف (بجسر حلحلول) ويقع على المدخل الشمالي لمدينة الخليل وعلى الطريق الوحيد الواصل بين الخليل وشمالها وخاصة ان الاحتلال قام باغلاق كافة الطرق والمسلاك الاخرى بالسواتر الترابية واقامة ابراج مراقبة لمنع الوصول الى الخليل، ومن يحاول اجتيازها يعرض نفسه لخطر شديد .
وعلى حاجز حلحول كانت لي قصة اخرى فطلب مني النزول من السيارة والتعري مع الابقاء على الملابس الداخلية ،فرضخت للواقع المر تحت تصويب فوهات البنادق اتجاهي ،والاكثر ايلاما هنا ان تبقى بملابسك الداخلية وبالقرب منك مجموعة من الفتيات المحجوزات ايضا ينتظرن تفتيشهن داخل تلك الخيمة المهترئة، مع علامات الخجل الظاهرة في عيوون بعضهن وبريق ولمعان صادر من دموع اخريات.
وبعد ساعة من الحجز والتفتيش سمح لنا بالمرور ،وما ان ابتعدنا قليل حتى سمعت صوت اطلاق نار من الحاجز الذي عبرنا منه ليتضح لاحقا عن اصابتة ثلاثة شبان كانوا يهمون بالعبور من احدى الطرق المغلقة القريبة من مشارف الحاجز.
خرجنا من محافظة الخليل سالكين الطريق رقم 60 والمعروف بكونه طريق مقام على اراضي المواطنين لتسهيل التحركات للمستوطنين المقيمين في المستوطنات الجاثمه على اراضي الضفة الغربية وهو ايضا طريق مشترك بين الفلسطينين والاسرائليين ، وهنا كانت علامات الخوف في ظاهرة في ملامح وجهي لسماع احدهم يسرد بعض القصص عن اعتداءات المستوطنين على المارة من الفلسطينين ،لحظات قليلة ويزداد خوفي اضعافا لوصولنا الى حاجز عصيون الذي قد امتلأ وتكدس بالسيارات ليصل طابورها الى اكثر من كيلو متر وكل خمسة دقائق تتحرك سيارتنا مترين ،وبالمقابل تتحرك سيارات المستوطينين بكل سهولة ودون توقف على اي حاجز ، ومع مرور الوقت وكثرة السيارات دخل الليل علينا وقد اقترب دورنا من التفتيش ، وهنا طلب مني فتح حقائبي واخراج ما فيها مع قولي للجنود انه تم تفتيشها مرتين لكن دون جدوى، وبعد التدقيق في هوياتنا سمح لنا بالعبور وسلك طريقنا باتجاه محافظة بيت لحم ، وما هي الا دقائق قليلة فصلتنا عن جاحز عصيون لنجد انفسنا واقعين في شباك حاجز طيار اخر على مدخل بلدة الخضر في الجنوب من بيت لحم لنرجع الى نفس الحكاية من التفتيش والحجز والانتظار.
وبعد اكتمالنا منه اتجهنا باتجاه محافظه القدس وعلى مدخل ابو ديس المقامة على اراضيها جامعة القدس كان في انتظارنا حاجز الكونتينر والمعروف عنة فلسطينيا وحقوقيا بممارسة اقصى فنون التعذيب النفسي والجسدي، فكان لي من الانتظار نصيب كبير علية فقد تم استجوابي علية وكل من في السيارة مع بعض الركلات والحجز تحت الامطار والعبث في كل اغراضنا وتقديم اوراق لنا لمراجعة دائرة المخابرات الاسرائلية التي كان لي قصة اخرى معها، على هذا الحاحز الذي يفصل الضفة الغربية الى نصفين تلاحظ عدم المبالاه وقلة الاهتمام من الجنود الموجودين عليه الذين يحتجزون مئات السيارات ومن ضمنها سيارات الاسعاف التي لا تشفع لها مهمتها الانسانيه بالعبور الحر ،وتجدهم يدخنون ويمازحون انفسهم او يجلسون داخل غرفهم المحصنة غير مبالين بالمحتجزين سواء من برد الشتاء او حر الصيف .... وبعد ان دخل الليل في ساعاتة الاخيره عبرت باتجاة ابو ديس لاصل الى سريري الذي احتضنتة دون تبيديل ملابسي لتعب الذي يركب جسمي.....وفي اول اسبوع من الدراسة في الجامعة تعرفت على عالم اخر، عالم قاسي عالم لم اعرفة من قبل فالجامعة تهاجم شبه يوميا من الاليات العسكرية المارة والمرابطة على مداخلها بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع ناهيك عن المداهمات الليلية للشقق الطلبة والطالبات واعتقال اعداد منهم كل يوم، الامر الذي لا يخلق جوا تعليميا تستيطيع فية الابداع والانجاز .
ومع استمرار الحال على ما هو عليه من تفتيش على الحواجز والتعب والعناء المصحوب بالمشقة للوصول للجامعة القدس التي كانت طموحي للحصول على شهادة البكالوريوس كان لي واقع مجبر علية لترك جامعتي والانتقال لجامعة الخليل التي هي بالقرب من مسقط رأسي التي اكملت فيها دراستي وحصلت على شهادة البكالوريوس في الاعلام منها.
No hay comentarios:
Publicar un comentario