منح تسيفي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية، الحصانة الدبلوماسية أثناء زيارتها للمملكة المتحدة
تمنح الحكومة البريطانية مكانة "مهمة خاصة" لتفادي مذكرة اعتقال بشأن جرائم حرب في غزة
_________________________
هاريت شيروود، صحيفة الجارديان
الثلاثاء، 13 مايو 2014
ترجمة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
_______________________
تسيفي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية. (رويترز)
لقد منحت الحكومة البريطانية حصانة دبلوماسية مؤقتة لسياسية إسرائيلية بارزة قبيل زيارتها المزمعة للمملكة المتحدة هذا الأسبوع لتوفير الحماية اللازمة لها من الاعتقال واحتمال ملاحقتها قضائياً على خلفية تورطها في انتهاكات للقانون الدولي، من بينها جرائم حرب.
أكدت وزارة الخارجية بأن مكانة "مهمة خاصة" – الحصانة الدبلوماسية – قد منحت لتسيفي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية والمفاوض الرئيسي في محادثات السلام مؤخراً، والتي سوف تجتمع بوزراء الخارجية في لندن.
وفقاً لوزارة الخارجية: "نظراً لاستيفاء الزيارة كافة الشروط اللازمة للمهمة الخاصة، ولتجنب أية شكوك في هذا الشأن، أكدت وزارة الخارجية موافقتها على الزيارة كمهمة خاصة."
تأتي هذه الخطوة وسط الجهود التي يبذلها محامو مؤسسة هيكمان آند روز للمحاماة في لندن للحصول على مذكرة اعتقال بحق تسيفي ليفني، وهي المؤسسة التي تمثل أحد أقرباء فلسطيني قد قتِل في استهداف مدينة الشرطة في اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة في ديسمبر 2008.
بالتعاون مع المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة، طالب مكتب المحاماة النيابة العامة الملكية بضرورة إبلاغ الشرطة اعتقال ليفني على خلفية تورطها في جرائم حرب، والتعاون مع النائب العام للمصادقة على التهم الجنائية.
أما راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فقد عبر عن استيائه من قرار الحكومة، حيث أصدر قاض بريطاني قراراً في ديسمبر 2009 يقضي بتوفر الأدلة الكافية والتي تبرر اعتقال ليفني فيما يتعلق بالعدوان العسكري الإسرائيلي على غزة والذي استمر ثلاثة أسابيع.
أشار الصوراني: "كوننا محامين نقوم بالدفاع عن ضحايا جرائم الحرب الإسرائيلية المشتبه بارتكابها، يعبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن قلقه العميق بأن هذا النوع من الأفعال السياسية يتبنى نظرية "قانون الغاب" بدلاً من "سيادة القانون".”
كما أضاف الصوراني بأن: "سياسية [الحكومة البريطانية] لـ 'إنهاء سياسة الإفلات من العقاب فيما يتعلق بجرائم دولية' يمكن أن تطبق كما ينبغي فقط إن ساد مبدأ سيادة القانون والإجراءات القانونية اللازمة لذلك، بدلاً من أن توفر بريطانيا ملاذاً آمناً لمجرمي الحرب المشتبه بهم حتى ولو لساعات قليلة.”
تسلم مدير الإدعاء العام الشهر الماضي طلباً بالنيابة عن شخص محدد يتعلق بمذكرة الاعتقال بحق تسيفي ليفني، ولكن تم إبلاغ النيابة العامة الملكية يوم الإثنين بأن ليفني قد منحت حصانة المهمة الخاصة. أشار المتحدث باسم النيابة العامة الملكية إلى ما يلي: "فيما يتعلق بالقضية المرفوعة، هذا يعني أنه سيتحتم على محكمة الصلح أن ترفض أي طلب للاعتقال، وبالتالي ليس بإمكان مدير الادعاء العام أن ينظر في أي طلب ذي صلة بهذا الشخص.”
يشار إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تحصل فيها ليفني على الحصانة الدبلوماسية عند زيارتها للمملكة المتحدة، حيث حصلت على مكانة المهمة الخاصة أيضاً في أكتوبر 2011 بعد أن تلقت النيابة العامة الملكية طلباً للحصول على مذكرة اعتقال فيما يتعلق بجرائم حرب مزعومة.
ألغت ليفني في ديسمبر 2009 زيارة كانت مزمعة إلى لندن بعد إصدار محكمة صلح ويستمينستر مذكرة اعتقال بحقها. أدخلت الحكومة البريطانية فيما بعد تعديلات على قانون "الولاية القضائية الدولية" للحصول على موافقة مسبقة من مدير الادعاء العام قبل إمكانية إصدار مذكرة اعتقال فيما يتعلق بارتكاب جرائم حرب دولية. جدير بالذكر أنه كان بإمكان المواطنين سابقاً التقدم مباشرة إلى القاضي للحصول على مذكرة اعتقال.
يأتي منح الحصانة لليفني وسط مخاوف متزايدة من منح الحكومة مكانة المهمة الخاصة بشكل متكرر ومن الغموض الذي يكتنف مثل هذه التحركات. إن المهمة الخاصة هي "مهمة مؤقتة، تمثل دولة ما، تبعث بها دولة لدولة أخرى بموافقة من الدولة الأخرى، وذلك للقيام بأعمال رسمية بالنيابة عن الدولة المرسِلة،" وهو ما أخبره ويليام هيغ، وزير الخارجية، للنواب في مارس 2013.
في المقابل، رفضت الحكومة الكشف عن المزيد من التفاصيل. ورداً على التساؤلات البرلمانية التي قدمها آندي سلوتر، وزير العدل في حكومة الظل، الشهر الماضي، قال مارك سيموندز، وزير الخارجية البريطاني: "نظراً لسرية التبادلات الدبلوماسية، لا ننوي نشر مزيد من التفاصيل حول الطلبات التي تم منحها أو تلك التي تم رفضها."
أخذت الطلبات في عين الاعتبار "الالتزامات الملقاة على عاتق المملكة المتحدة بموجب القانون الدولي العرفي والسياسة التي نتبعها لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب على أخطر الجرائم الدولية والالتزام بحماية حقوق الإنسان،" حسبما أضاف سيموندز
يقول نقاد بأن النظام القضائي يتم التحايل عليه وأن منح الحصانة يشكل تجاوزاً لالتزامات المملكة المتحدة التي ينص عليها القانون الدولي.
وقال سلوتر إن رفض الحكومة توفير المزيد من التفاصيل التي تتعلق بطلبات منح مكانة مهمة خاصة، يعتبرعملاً شائناً، وأضاف: " يحول هذا الأمر دون توفر الرقابة العامة اللازمة، فلا يمكن للدبلوماسية أن تتجاوز الدور القانوني للمحاكم."
حصل في العام الماضي مسؤولان إسرائيليان رفيعا المستوى وهما: بيني غانتس، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ودورون آلموج، لواء إسرائيلي متقاعد، على مكانة المهمة الخاصة لزيارة المملكة المتحدة.
ذكر المركز الفلسطيني في حينه: "أن هنالك أدلة موثوقة تشير إلى تورط الجنرال غانتس بارتكاب جرائم حرب، وعليه يجب التحقيق في هذه الادعاءات، وإن تطلب الأمر محاكمة غانتس. كما أنه لا يجوز أن تعطى حصانة استباقية من قبل حكومة المملكة المتحدة للتحايل على إجراءات العدالة الجنائية المتبعة." وبحسب المركز، يشتبه بتورط الجنرال غانتس في جرائم حرب، خاصة فيما يتعلق بدوره في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في نوفمبر 2012.
ألغى آلموج رحلته إلى المملكة المتحدة العام الماضي برغم منحه الحصانة. ففي فبراير 2008، رفض اللواء العسكري السابق النزول من الطائرة في مطار هيثرو بعد أن تم إبلاغه بأن محكمة بريطانية قد أصدرت مذكرة اعتقال بحقه، حيث بقي على متن الطائرة التي عادت إلى تل أبيب بعد ساعتين.
وعدت بريطانيا إسرائيل بأن تدخل تعديلات على القانون ليصبح من الصعوبة بمكان إصدار مذكرات اعتقال بحق شخصيات إسرائيلية عامة. وفي خطاب ألقاه ديفيد كاميرون أمام البرلمان الإسرائيلي الشهر الماضي قال: "عندما كنت في المعارضة، تحدثت علناً حينما لم يتسنَ لكبار الشخصيات الإسرائيلية الدخول بأمان إلى بلدي، بسبب مبدأ الولاية القضائية الدولية، دون شعورهم بالخوف من العقبات القانونية والدعاوى القضائية المرفوعة لدوافع أيدولوجية. وعندما أصبحت رئيساً للوزراء، إستطعت تغيير ذلك. بلدي مفتوح لكم ويرحب بكم في أي وقت."
لعبت ليفني دوراً أساسياً في عملية الرصاص المصبوب وهو الاسم الذي أطلقته إسرائيل على العدوان العسكري على غزة عام 2008-2009. ترتب على ذلك العدوان مقتل حوالي 1400 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان. تقول إسرائيل بأن 1166 فلسطيني قد قتلوا وأن غالبيتهم من المقاتلين، فيما قتل 13 إسرائيلي.
رفضت ليفني التعليق على وضعها القانوني في المملكة المتحدة.
أشارت سارة كولبورن من حملة التضامن الفلسطينية إلى: "إنه من العار أن نرى الحكومة البريطانية تمنح تسيفي ليفني الحصانة من الملاحقة القضائية فيما يتعلق بأخطر الاعتداءات – جرائم الحرب... ربما تحاول ليفني باستماتة الهرب والتخفي من العدالة، ولكن يجب عليها أن تعلم أنه لا يمكن لأحد أن يفر من العدالة عندما يتعلق الأمر بجرائم حرب، وأن الأمر لا يتعلق بسقف زمني محدد. لا يمكن لتسيفي ليفني أن تعتمد على فكرة الحصول على بطاقات "الخروج من السجن" في كل مرة تسافر فيها إلى الخارج."
تأتي زيارة ليفني إلى لندن هذا الأسبوع بالتزامن مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس واجتماعه بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري لمناقشة انهيار مفاوضات السلام وعملية المصالحة بين طرفي المصالحة الفلسطينييْن فتح وحماس. لقد هددت الولايات المتحدة الأمريكية بإيقاف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية في حال تحقق الوحدة والمصالحة مع حماس، وهي المنظمة التي تصنفها واشنطن كمنظمة إرهابية.
No hay comentarios:
Publicar un comentario